اعتبر المدير العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط في أول حوار صحفي أن الثقافة أحد أبرز حصون المقاومة ودورها في توحيد العرب بل زاد على ذلك بالقول ان الثقافة بذاتها ومضمونها مقوم أصيل من مقومات المحافظة على التضامن والهوية العربية. وأكد العويط أن الثقافة بمعناها العام قادرة على اختراق كل الانقسامات بحيث تجعلها تحت مظلة واحدة. وألمح الى إن الوحدة التي ننشدها لا يمكن أن تبدأ بدايتها الصحيحة إلا بوحدة الفكر والثقافة الفاعلة لكل الأنشطة الإنسانية انطلاقاً من هذا الاقتناع الذي آمن به رئيس المؤسسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.
واضاف ان مجتمعاتنا العربية غير محسودة على اوضاعها في هذا الزمن العربي الأدكن.
• منذ انطلاقة المؤسسة في العام 2000، وهي تشدد على التضامن العربي حيث جعلته في مقدم أهدافها، كما تشدد على ضرورة النهوض بالمجتمع العربي، والحفاظ على الهوية العربية. غير أن ما نراه من تفكك عربي يقودنا إلى التساؤل عن مدى نجاح التضامن المنشود، وعن دور الثقافة في هذا السياق؟
•• عندما حددت مؤسسة الفكر العربي أهدافها، لم يكن الأمر ناشئاً عن ترف فكري بل عن حاجة موضوعية فرضها الانقسام العربي الذي تشير إليه من جهة، والذي يتقاطع مع التغيرات العالمية الراهنة من جهة ثانية. صحيح أن ما تقوم به مؤسسة غير حكومية قد لا يضاهي ما تقوم به الحكومات أو الدول من أعمال، إلا أن رمزية خيار المؤسسة هي تعبير عن إيمانها بدور الثقافة في صون الخصائص الفكرية والحضارية والروحية لشعوبنا ودولنا العربية. فالثقافة، بشمولها أخلاق هذه الشعوب ومعارفها ومعتقداتها وفنونها وأعرافها وعاداتها وتقاليدها...إلخ، تبقى، خلافاً لغيرها من العناصر المكونة لمجتمع ما، الحصن الأخير للدفاع عن الوجود. بحيث ترى مثلا، أن الثقافة العربية الإسلامية ظلت حية حتى بعد انهيار الدولة الإسلامية في الأندلس التي دام حكمها ثمانية قرون (من 91هـ/711م وحتى سقوط غرناطة العام 897هـ/1492م). إذ لا تزال منطقة جنوب إسبانيا تحتفظ بالمباني الإسلامية، ولا تزال اللغة الإسبانية تحمل الكثير من الكلمات ذات الأصل العربي. وهذا يعني أن الثقافة تستمر في الحياة، لغة وفكراً، على الرغم من كل محاولات النيل منها (حروب، مجازر، إبادة، احتلال...). ولعل صمود الثقافة العربية والإسلامية في وجه كل وسائل التدمير خير شاهد تاريخي على ما أقول. إذ لم يحل سقوط بغداد مثلا، عاصمة العباسيين، الذي أنهى الخلافة العباسية على يد المغول في العام 656هـ/1258م، دون استمرار الثقافة العربية والإسلامية. ولم يحل الاحتلال العثماني ولا البريطاني والفرنسي لاحقاً دون ذلك أيضاً.
انطلاقاً من هذه الحقائق، تبدو الثقافة أحد أبرز حصون المقاومة. ويبقى دورها في توحيد العرب أحد أبرز مقومات المحافظة على التضامن والهوية العربيين.
إدانة الفرقة والانقسام
• حددت المؤسسة هويتها منذ نشأتها، معلنة أنها مؤسسة دولية أهلية مستقلة، لا ارتباط لها بالأنظمة أو بالتوجهات الحزبية أو الطائفية، فكيف تستطيع مؤسسة الفكر العربي الحفاظ على التزامها في ظل كل المتغيرات والانقسامات الراهنة؟
•• صحيح أن الثقافة غير معزولة عن السياسات والأنظمة والتوجهات الحزبية والطائفية وغيرها. غير أن الثقافة بمعناها العام، والذي أشرنا إليه آنفاً، قادرة على اختراق كل هذه الانقسامات تحت مظلة «الهوية العربية الجامعة». بحيث تغدو هذه الهوية هي البوصلة التي توجهنا لكونها هي الأصلح والأبقى. تبقى هي الثابت في ظل التحولات والتغيرات كلها. هذا الموقف (الذي لا يخلو من الأيديولوجيا) هو الذي يحدد اصطفافنا بجانب الأفكار التي تدين الفرقة والانقسام، ويدفعنا بالتالي إلى السير في طريق تحقيق التضامن وتوجيه الجهود من أجل المصلحة العربية العليا.
لن نقف مكتوفي الأيدي
• فعلت مؤسسة الفكر العربي منذ انطلاقها قضايا الحوار، سواء أكان حواراً عربياً عربياً أم حواراً بين الثقافات. إلا أن هنالك من ذهب إلى القول بأن هذه الحوارات لم تحقق أهدافها؟
•• إن الوحدة التي ننشدها لا يمكن أن تبدأ بدايتها الصحيحة إلا بوحدة الفكر والثقافة الفاعلة لكل الأنشطة الإنسانية. انطلاقاً من هذا الاقتناع الذي آمن به رئيس المؤسسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، شكل كل من الانفتاح والتواصل الثقافي والحوار استراتيجيات لمواجهة الصراع، سواء أكان عربياً أم بين العرب وغيرهم من الشعوب. إذ إن المصالح والتوجهات قد تختلف بيننا كعرب، وحتى لو جمعتنا لغة واحدة وتاريخ واحد، كما أنها قد تختلف بيننا وبين الآخر. لذا شكل الحوار موضوعاً دائماً لمبادرات المؤسسة وأنشطتها، وذلك منذ مؤتمرها العربي السنوي الأول «فكر1» المنعقد في القاهرة أواخر العام 2002، مروراً بالحضور الفاعل للمؤسسة في المنتدى الثاني لتحالف الحضارات الذي انعقد في مدريد في شهر يناير 2008، فضلا عن الحيز الواسع الذي منحته المؤسسة للترجمة على اعتبار أنها وسيلة الاطلاع على ثقافات الغير والتفاعل معها. فهذه الأنشطة ليست إلا تعبيراً عن اقتناع راسخ بضرورة أن تجسد المؤسسة إضافة نوعية إلى الجهود التي تخدم الحوار، أي أن تكون بمثابة الآلية العملانية لدفع هذا الحوار إلى أرض الواقع.
أما عن النجاح والفشل، فهذا أمر غير قابل للقياس على المدى القريب، لاسيما أن الأثر الذي تخلفه الثقافة لا يكون آنياً. فالمؤسسة ماضية في العمل وفق القيم الإنسانية العالمية، وبوحي التوجيه القرآني الكريم: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»، وبوحي دعوته إلى الحوار «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، ونحن نتمسك بالنداء الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في المؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي في القاهرة العام 2002، حين قال يومها «أتوجه إلى الأمة العربية من خلال جمعكم الفكري الحاشد بنداء، أناشد فيه الجميع بأن الوقت لم يعد يحتمل الخلافات بيننا حكومة وشعباً، مفكراً وتاجراً، يميناً ويساراً، فالكل في سفينة واحدة تجابه عاصفة عاتية، فإما أن يعمل الجميع لإنقاذ السفينة وركابها وإلا غرقت وغرق معها الجميع». فهل نقف مكتوفي الأيدي؟
الزمن العربي الأدكن
• أين هي نواتج مشروع حوار الثقافات والحضارات الذي أطلقته المؤسسة منذ سنوات؟
•• هذا المشروع لكي يأتي أكله، مرحلياً واستراتيجياً، يلزمه جهد عمل موصول وتراكم حيوي منتج، ونحن لا شك في إطارهما الآن. لكننا ما نزال أيضاً في مبتدأ مسار التفعيل، الذي سيجد ترجمته، أو تظهيراته أكثر، في آليات عملنا المقبل في مركز البحوث. وقد وضعنا في إطار هذا المشروع سلسلة أفكار ومحاور مركزية أساسية غاية في الجدية، وسنعلن عنها في حينها، لكي تتم بلورتها بجدية أكثر، حتى لا يتم تحويرها إلى غير مقصدها، وذلك من أجل خدمة مجتمعاتنا العربية غير المحسودة على أوضاعها في هذا الزمن العربي الأدكن.
عمل جماعي عربي
• في كل عام تصدر المؤسسة تقريراً علمياً حول التنمية الثقافية العربية. ويرصد التقرير عدداً من العناصر الثقافية، مثل أوضاع التعليم والبحث العلمي واقتصاد المعرفة والتأليف والنشر وغيرها من العناصر الثقافية، وذلك في إطار عملية تقويمية للوضع الثقافي العربي الراهن. فما هو الصدى الذي لاقاه التقرير من خلال تجربتكم؟
•• كان هذا التقرير أول عمل جماعي عربي يجري تقييماً للثقافة العربية بأدوات البحث العلمي، على غرار البحوث التنموية والاقتصادية وغيرها. فقد تم تفريع الثقافة إلى عناصرها القابلة للقياس والتكميم. بحيث أتاح ذلك المجال أمام صناع القرار، من حكام وفاعلين اجتماعيين، للاستفادة من خلاصاته في رسم سياسات قادرة على تطوير الوضع الثقافي القائم، وفي بناء خطط مستقبلية في هذا السياق. هذا فضلا عن الفائدة القيمة التي وفرها التقرير للباحثين في مجالات شتى، نظراً لمعاناة بلداننا العربية بعامة من ندرة الأرقام والإحصاءات.
نفخ روح الابداع
• ما إسهامات مؤسسة الفكر العربي في وضع المنظومة العلمية المشجعة والمحفزة على الإبداع وهل المؤسسة قادرة حقاً على نفخ روح الإبداع في نفوس أبناء الوطن العربي؟
•• إن الجوائز السنوية التي تمنحها المؤسسة للمبدعين في مجالات الإنتاج الأدبي والفكري تحفـز جميع القادرين على الإبداع وتدفعهم إلى العمل الإبداعي بجد ورصانة، غير أن دور المؤسسة في تشجيع النتاج الفكري لا يقتصر على حافز نيل هذه الجوائز في مجالات الإبداع العلمي والتقني والاقتصادي والمجتمعي والإعلامي والأدبي والفني، وحده، فهناك أيضاً مؤتمرات الشباب الذي يفتح الباب واسعاً أمام الشباب الطامحين إلى لعب دور في طرح الأفكار والمبادرات العملية في فروع النتاج الفني المختلفة من الفن التشكيلي إلى الموسيقى والغناء، علاوة على الشعر وكتابة الرواية والقصة القصيرة، كما أننا أولينا التربية والتعليم أهمية عالية، من خلال المنتديات والمشروعات الرائدة التي أطلقتها المؤسسة.
شباب عربي طموح
• إلى أي مدى نجحت المؤسسة في إشراك الشباب العربي في معالجة قضاياهم، وما المعايير المعتمدة في اختيار الشباب المشارك في هذه المؤتمرات؟
•• يشكل «برنامج الشباب» في مؤسسة الفكر العربي، تجسيداً لرؤية فريدة وملهمة، تعنى بالشباب كعنصر فاعل وأساس في المجتمع. وهو وليد جهود متواصلة، معززة بروح المشاركة، والتعاون، والإبداع تحت مظلة أهداف ورؤى مؤسسة الفكر العربي. وهو يهدف إلى تكوين نواة من الشباب العربي الطموح والمنخرط في المجتمع، والقادر على قيادة التطور بدعم من خبراء على المستويين المحلي والعالمي. والغاية من ذلك كله خلق فرصة فريدة للشباب لطرح القضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجه الأجيال القادمة وتقديم الحلول، وتمكين الشباب العربي من لعب دور رئيس في تطوير المنطقة والإسهام في تحسين مستقبلهم. وكذلك حث الجيل الناشئ على أخذ زمام المبادرة بالتعاون مع المجتمعات الأخرى، وإشراك الشباب في القضايا الإقليمية الهامة ورفع مستوى الوعي حول ثقافة المسؤولية والمشاركة.
ثمة هدف آخر لا يقل أهمية، وهو السعي إلى توفير الفرصة للشباب العرب لتعزيز دراستهم ومعرفتهم ولإثراء خبراتهم ليكونوا عنصراً رئيساً في المناقشات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. تكمن أهمية برنامج الشباب في تلبية الحاجات الملحة لإطلاق مشاريع شبابية فكرية وتنموية في الوطن العربي، عبر الأنشطة المختلفة، كبرنامج «سفراء شباب الفكر العربي»، واللقاءات والندوات الشهرية، وأنشطة خاصة على هامش المؤتمرات السنوية لمؤسسة الفكر العربي، ولقاءات وورش عمل إقليمية ومحلية.
أما برنامج سفراء مؤسسة الفكر العربي فهو برنامج سنوي تطلقه مؤسسة الفكر العربي وتستقطب من خلاله 20 شاباً وشابة، ملتزمين جميعاً بالعمل الاجتماعي، من مختلف الدول العربية للترشح إلى منصب تطوعي فخري على مدة سنة قابلة للتجديد. يهدف البرامج إلى تفعيل دور الشباب في الالتفات إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وتمكين قدراتهم لإطلاق مبادرات ومشاريع تسهم في تفعيل اقتصاد بلدانهم وتحسين مجتمعاتها، ويهدف أيضاً إلى تمثيل شباب فكر في مؤسسة الفكر العربي في دولهم، إيجاد نماذج ناجحة للشباب العربي والإضاءة عليها ودفعها لأن تكون مثالا للشباب العربي يحتذى به.
أما المهمات التي يضطلع بها سفراء الشباب فإنها تكمن في كونهم صلات وصل بين مؤسسة الفكر العربي والجهات المعنية في بلادهم، والإشراف على تنظيم لقاء تعريفي ببرنامج السفراء في بلدانهم، سواء كانوا مقيمين في بلدانهم العربية أم في بلدان أجنبية يعملون فيها أو يتابعون فيها دراساتهم وتحصيلهم العلمي، فيعرفون بمؤسسة الفكر العربي، وبرؤيتها الفكرية وأهدافها.. وهم بطبيعة الحال، مسؤولون أمام مؤسسة الفكر العربي وملتزمون بتوجيهات القيمين عليها.
الانخراط في المؤسسات
• ما هي إذن الأطر التنظيمية الجامعة التي تستوعب أنشطة هؤلاء الشباب وتوجههم؟
•• ثمة لقاءات وندوات شهرية تجمع هؤلاء الشباب، هدفها أولا فتح تجاربهم بعضها على بعض وتعزيز الحوار في ما بينهم والاستماع إلى أفكارهم وإيصالها للمهتمين والخبراء، وثانياً تشبيك الشباب مع نخبة من المفكرين والمثقفين لتبادل الأفكار والآراء وإشراكهم في صياغة حوار ثقافي ومعرفي، من خلال توعية الشباب بأهمية احترام الرأي الآخر والتفاعل معه بغية مواجهة التحديات وإيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية التي تهم الجميع.
وبطبيعة الحال، فإن من شأن هذا النوع من التأطير والعمل يأن يفضي إلى بناء شبكة واسعة من علاقات الصداقة تضم شبابا ناشطين ينخرطون في مؤسسات المجتمع المدني، والمنظمات الشبابية، ووزارات الشباب والتربية، والجمعيات الأهلية، وجمعيات الفنانين، واتحادات الكتاب والشخصيات الاجتماعية، ومراكز البحث والجامعات، والإعلاميين.. الخ.
5 محاور لتحفيز القراءة في «عربي 21»
تنفذ مؤسسة الفكر العربي مشاريع تربوية وتعليمية منذ سنوات، أهمها مشروع «عربي 21» الذي يحظى بدعم مادي شامل من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وشركة «أرامكو» السعودية، ويسهم في تطوير تعلم اللغة العربية وتعليمها، وقد أطلق على هذا المشروع تسمية «عربي 21» وبدأ تنفيذه في منتصف العام 2010، على أن يستغرق التنفيذ خمسة أعوام، تم تمديد العمل به حتى منتصف العام 2017. والمشروع عبارة عن مبادرة متكاملة لدعم تعلم اللغة العربية وتعليمها، بدءاً بتشخيص واقع تعلم اللغة في الوطن العربي، انتهاءً بتحديث طرق تدريسها، فضلا عن نشر المعرفة حول أهمية القراءة باللغة العربية.
ويتضمن المشروع خمسة محاور تنفيذية، هي: البحوث، تغيير التوجهات: القراءة والقرائية، التطوير المهني للمدرسين، المناهج والتقويم، والمواد التعليمية. وقد حقـق هذا المشروع إنجازات عدة كإنشاء موقع إلكتروني يوفـر برامج تدريبية (فيديو) لأفضل الممارسات في تعلم اللغة العربية وتعليمها، موجهة إلى مدرسي اللغة العربية؛ بالإضافة إلى صفحة فيسبوك؛ وإنشاء «جائزة كتابي» وهي جائزة لأفضل 6 كتب لأدب الطفل العربي بحسب الفئات العمرية، تمنح لأفضل الكتب الصادرة خلال العامين السابقين، وتخضع الجائزة لنظام جوائز كتب أدب الأطفال العربي الذي أعده خبراء تربويون؛ وتعلن النتائج وتوزع الجوائز خلال حفل إطلاق حملة «بالعربي» للتشجيع على القراءة باللغة العربية.
كما وضع المشروع معايير لتصنيف لكتب أدب الطفل العربي، تتميز باعتمادها المستوى القرائي لدى الطفل والناشئة وليس الفئة العمرية. كما نظم المشروع أكثر من 6 ورش عمل محلية وإقليمية للتعريف بهذه المعايير وكيفية تطبيقها، مما شكل شبكة عربية للمصنفين (لبنان، الأردن، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان). ويعمل فريق عمل التصنيف على إعداد ملحق من حوالى 700 كتاب جديد مصنف على أن يصدر بداية العام المقبل.
نجح مشروع «عربي 21» في إطلاق موقع إلكتروني تعليمي ضمن إطار موقع مؤسسة الفكر العربي ويشمل الموقع مواد تربوية من 35 ساعة من مقاطع فيديو تعليمية لأفضل الممارسات التربوية لتعليم اللغة العربية وتعلمها، تساوي 95 مقطعاً تعليمياً، مما يساعد أساتذة اللغة العربية على تطوير قدراتهم في المجال.
مشروع «تمام» يبني مجتمع المهنيين المجددين
مشروع التطوير التربوي المستند إلى المدرسة في البلدان العربية، أطلق عليه «تمام 1» و«تمام 2». وهو مشروع بحثي وتطويري للإصلاح التربوي النابع من المدرسة، يشارك فيه أساتذة ومعنيون من 23 مدرسة رسمية وخاصة وأكاديميون من مؤسسات التعليم العالي، وممثلو صانعي السياسات التربوية في وزارات التربية في البلدان العربية (لبنان، الأردن، المملكة العربية السعودية، عُمان، قطر، مصر). وتعمل الجامعة الأمريكية في بيروت على تنفيذ المشروع بموجب اتفاقية تفاهم مع مؤسسة الفكر العربي، تم تنفيذ المرحلة الأولى منه بين العامين 2007-2010 والمرحلة الثانية بين العامين 2011-2014.
يهدف مشروع «تمام» إلى بناء مجتمع من المهنيين المجددين عن طريق بناء جسور للحوار والتعاون والتشبيك بين مختلف المدارس من جهة، والجامعات ووزارات التربية والتعليم من جهة أخرى. كما يتميز المشروع بمرونة تصاميمه وبإمكانية تطويع نشاطاته بحسب خصوصية كل بلد وفي سياق كل مدرسة، وبتصميم يتبع التوسع التدريجي داخل المدرسة وبين المدارس الجديدة من ضمن البلد الواحد. ومن إنجازات المشروع إنشاء موقع إلكتروني تضمن ستة تقارير تقنية وثقت نتائج أبحاثه وتقدمه بهدف تكوين نظريات تربوية عن التطوير المدرسي الفعال تضرب جذورها في الواقع العربي، و12 تقريرا عن مشاريعها التطويرية، يوثق كل تقرير منها تجربة الفريق المشارك في التطوير المستند إلى المدرسة.
واضاف ان مجتمعاتنا العربية غير محسودة على اوضاعها في هذا الزمن العربي الأدكن.
• منذ انطلاقة المؤسسة في العام 2000، وهي تشدد على التضامن العربي حيث جعلته في مقدم أهدافها، كما تشدد على ضرورة النهوض بالمجتمع العربي، والحفاظ على الهوية العربية. غير أن ما نراه من تفكك عربي يقودنا إلى التساؤل عن مدى نجاح التضامن المنشود، وعن دور الثقافة في هذا السياق؟
•• عندما حددت مؤسسة الفكر العربي أهدافها، لم يكن الأمر ناشئاً عن ترف فكري بل عن حاجة موضوعية فرضها الانقسام العربي الذي تشير إليه من جهة، والذي يتقاطع مع التغيرات العالمية الراهنة من جهة ثانية. صحيح أن ما تقوم به مؤسسة غير حكومية قد لا يضاهي ما تقوم به الحكومات أو الدول من أعمال، إلا أن رمزية خيار المؤسسة هي تعبير عن إيمانها بدور الثقافة في صون الخصائص الفكرية والحضارية والروحية لشعوبنا ودولنا العربية. فالثقافة، بشمولها أخلاق هذه الشعوب ومعارفها ومعتقداتها وفنونها وأعرافها وعاداتها وتقاليدها...إلخ، تبقى، خلافاً لغيرها من العناصر المكونة لمجتمع ما، الحصن الأخير للدفاع عن الوجود. بحيث ترى مثلا، أن الثقافة العربية الإسلامية ظلت حية حتى بعد انهيار الدولة الإسلامية في الأندلس التي دام حكمها ثمانية قرون (من 91هـ/711م وحتى سقوط غرناطة العام 897هـ/1492م). إذ لا تزال منطقة جنوب إسبانيا تحتفظ بالمباني الإسلامية، ولا تزال اللغة الإسبانية تحمل الكثير من الكلمات ذات الأصل العربي. وهذا يعني أن الثقافة تستمر في الحياة، لغة وفكراً، على الرغم من كل محاولات النيل منها (حروب، مجازر، إبادة، احتلال...). ولعل صمود الثقافة العربية والإسلامية في وجه كل وسائل التدمير خير شاهد تاريخي على ما أقول. إذ لم يحل سقوط بغداد مثلا، عاصمة العباسيين، الذي أنهى الخلافة العباسية على يد المغول في العام 656هـ/1258م، دون استمرار الثقافة العربية والإسلامية. ولم يحل الاحتلال العثماني ولا البريطاني والفرنسي لاحقاً دون ذلك أيضاً.
انطلاقاً من هذه الحقائق، تبدو الثقافة أحد أبرز حصون المقاومة. ويبقى دورها في توحيد العرب أحد أبرز مقومات المحافظة على التضامن والهوية العربيين.
إدانة الفرقة والانقسام
• حددت المؤسسة هويتها منذ نشأتها، معلنة أنها مؤسسة دولية أهلية مستقلة، لا ارتباط لها بالأنظمة أو بالتوجهات الحزبية أو الطائفية، فكيف تستطيع مؤسسة الفكر العربي الحفاظ على التزامها في ظل كل المتغيرات والانقسامات الراهنة؟
•• صحيح أن الثقافة غير معزولة عن السياسات والأنظمة والتوجهات الحزبية والطائفية وغيرها. غير أن الثقافة بمعناها العام، والذي أشرنا إليه آنفاً، قادرة على اختراق كل هذه الانقسامات تحت مظلة «الهوية العربية الجامعة». بحيث تغدو هذه الهوية هي البوصلة التي توجهنا لكونها هي الأصلح والأبقى. تبقى هي الثابت في ظل التحولات والتغيرات كلها. هذا الموقف (الذي لا يخلو من الأيديولوجيا) هو الذي يحدد اصطفافنا بجانب الأفكار التي تدين الفرقة والانقسام، ويدفعنا بالتالي إلى السير في طريق تحقيق التضامن وتوجيه الجهود من أجل المصلحة العربية العليا.
لن نقف مكتوفي الأيدي
• فعلت مؤسسة الفكر العربي منذ انطلاقها قضايا الحوار، سواء أكان حواراً عربياً عربياً أم حواراً بين الثقافات. إلا أن هنالك من ذهب إلى القول بأن هذه الحوارات لم تحقق أهدافها؟
•• إن الوحدة التي ننشدها لا يمكن أن تبدأ بدايتها الصحيحة إلا بوحدة الفكر والثقافة الفاعلة لكل الأنشطة الإنسانية. انطلاقاً من هذا الاقتناع الذي آمن به رئيس المؤسسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، شكل كل من الانفتاح والتواصل الثقافي والحوار استراتيجيات لمواجهة الصراع، سواء أكان عربياً أم بين العرب وغيرهم من الشعوب. إذ إن المصالح والتوجهات قد تختلف بيننا كعرب، وحتى لو جمعتنا لغة واحدة وتاريخ واحد، كما أنها قد تختلف بيننا وبين الآخر. لذا شكل الحوار موضوعاً دائماً لمبادرات المؤسسة وأنشطتها، وذلك منذ مؤتمرها العربي السنوي الأول «فكر1» المنعقد في القاهرة أواخر العام 2002، مروراً بالحضور الفاعل للمؤسسة في المنتدى الثاني لتحالف الحضارات الذي انعقد في مدريد في شهر يناير 2008، فضلا عن الحيز الواسع الذي منحته المؤسسة للترجمة على اعتبار أنها وسيلة الاطلاع على ثقافات الغير والتفاعل معها. فهذه الأنشطة ليست إلا تعبيراً عن اقتناع راسخ بضرورة أن تجسد المؤسسة إضافة نوعية إلى الجهود التي تخدم الحوار، أي أن تكون بمثابة الآلية العملانية لدفع هذا الحوار إلى أرض الواقع.
أما عن النجاح والفشل، فهذا أمر غير قابل للقياس على المدى القريب، لاسيما أن الأثر الذي تخلفه الثقافة لا يكون آنياً. فالمؤسسة ماضية في العمل وفق القيم الإنسانية العالمية، وبوحي التوجيه القرآني الكريم: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»، وبوحي دعوته إلى الحوار «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، ونحن نتمسك بالنداء الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في المؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي في القاهرة العام 2002، حين قال يومها «أتوجه إلى الأمة العربية من خلال جمعكم الفكري الحاشد بنداء، أناشد فيه الجميع بأن الوقت لم يعد يحتمل الخلافات بيننا حكومة وشعباً، مفكراً وتاجراً، يميناً ويساراً، فالكل في سفينة واحدة تجابه عاصفة عاتية، فإما أن يعمل الجميع لإنقاذ السفينة وركابها وإلا غرقت وغرق معها الجميع». فهل نقف مكتوفي الأيدي؟
الزمن العربي الأدكن
• أين هي نواتج مشروع حوار الثقافات والحضارات الذي أطلقته المؤسسة منذ سنوات؟
•• هذا المشروع لكي يأتي أكله، مرحلياً واستراتيجياً، يلزمه جهد عمل موصول وتراكم حيوي منتج، ونحن لا شك في إطارهما الآن. لكننا ما نزال أيضاً في مبتدأ مسار التفعيل، الذي سيجد ترجمته، أو تظهيراته أكثر، في آليات عملنا المقبل في مركز البحوث. وقد وضعنا في إطار هذا المشروع سلسلة أفكار ومحاور مركزية أساسية غاية في الجدية، وسنعلن عنها في حينها، لكي تتم بلورتها بجدية أكثر، حتى لا يتم تحويرها إلى غير مقصدها، وذلك من أجل خدمة مجتمعاتنا العربية غير المحسودة على أوضاعها في هذا الزمن العربي الأدكن.
عمل جماعي عربي
• في كل عام تصدر المؤسسة تقريراً علمياً حول التنمية الثقافية العربية. ويرصد التقرير عدداً من العناصر الثقافية، مثل أوضاع التعليم والبحث العلمي واقتصاد المعرفة والتأليف والنشر وغيرها من العناصر الثقافية، وذلك في إطار عملية تقويمية للوضع الثقافي العربي الراهن. فما هو الصدى الذي لاقاه التقرير من خلال تجربتكم؟
•• كان هذا التقرير أول عمل جماعي عربي يجري تقييماً للثقافة العربية بأدوات البحث العلمي، على غرار البحوث التنموية والاقتصادية وغيرها. فقد تم تفريع الثقافة إلى عناصرها القابلة للقياس والتكميم. بحيث أتاح ذلك المجال أمام صناع القرار، من حكام وفاعلين اجتماعيين، للاستفادة من خلاصاته في رسم سياسات قادرة على تطوير الوضع الثقافي القائم، وفي بناء خطط مستقبلية في هذا السياق. هذا فضلا عن الفائدة القيمة التي وفرها التقرير للباحثين في مجالات شتى، نظراً لمعاناة بلداننا العربية بعامة من ندرة الأرقام والإحصاءات.
نفخ روح الابداع
• ما إسهامات مؤسسة الفكر العربي في وضع المنظومة العلمية المشجعة والمحفزة على الإبداع وهل المؤسسة قادرة حقاً على نفخ روح الإبداع في نفوس أبناء الوطن العربي؟
•• إن الجوائز السنوية التي تمنحها المؤسسة للمبدعين في مجالات الإنتاج الأدبي والفكري تحفـز جميع القادرين على الإبداع وتدفعهم إلى العمل الإبداعي بجد ورصانة، غير أن دور المؤسسة في تشجيع النتاج الفكري لا يقتصر على حافز نيل هذه الجوائز في مجالات الإبداع العلمي والتقني والاقتصادي والمجتمعي والإعلامي والأدبي والفني، وحده، فهناك أيضاً مؤتمرات الشباب الذي يفتح الباب واسعاً أمام الشباب الطامحين إلى لعب دور في طرح الأفكار والمبادرات العملية في فروع النتاج الفني المختلفة من الفن التشكيلي إلى الموسيقى والغناء، علاوة على الشعر وكتابة الرواية والقصة القصيرة، كما أننا أولينا التربية والتعليم أهمية عالية، من خلال المنتديات والمشروعات الرائدة التي أطلقتها المؤسسة.
شباب عربي طموح
• إلى أي مدى نجحت المؤسسة في إشراك الشباب العربي في معالجة قضاياهم، وما المعايير المعتمدة في اختيار الشباب المشارك في هذه المؤتمرات؟
•• يشكل «برنامج الشباب» في مؤسسة الفكر العربي، تجسيداً لرؤية فريدة وملهمة، تعنى بالشباب كعنصر فاعل وأساس في المجتمع. وهو وليد جهود متواصلة، معززة بروح المشاركة، والتعاون، والإبداع تحت مظلة أهداف ورؤى مؤسسة الفكر العربي. وهو يهدف إلى تكوين نواة من الشباب العربي الطموح والمنخرط في المجتمع، والقادر على قيادة التطور بدعم من خبراء على المستويين المحلي والعالمي. والغاية من ذلك كله خلق فرصة فريدة للشباب لطرح القضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجه الأجيال القادمة وتقديم الحلول، وتمكين الشباب العربي من لعب دور رئيس في تطوير المنطقة والإسهام في تحسين مستقبلهم. وكذلك حث الجيل الناشئ على أخذ زمام المبادرة بالتعاون مع المجتمعات الأخرى، وإشراك الشباب في القضايا الإقليمية الهامة ورفع مستوى الوعي حول ثقافة المسؤولية والمشاركة.
ثمة هدف آخر لا يقل أهمية، وهو السعي إلى توفير الفرصة للشباب العرب لتعزيز دراستهم ومعرفتهم ولإثراء خبراتهم ليكونوا عنصراً رئيساً في المناقشات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. تكمن أهمية برنامج الشباب في تلبية الحاجات الملحة لإطلاق مشاريع شبابية فكرية وتنموية في الوطن العربي، عبر الأنشطة المختلفة، كبرنامج «سفراء شباب الفكر العربي»، واللقاءات والندوات الشهرية، وأنشطة خاصة على هامش المؤتمرات السنوية لمؤسسة الفكر العربي، ولقاءات وورش عمل إقليمية ومحلية.
أما برنامج سفراء مؤسسة الفكر العربي فهو برنامج سنوي تطلقه مؤسسة الفكر العربي وتستقطب من خلاله 20 شاباً وشابة، ملتزمين جميعاً بالعمل الاجتماعي، من مختلف الدول العربية للترشح إلى منصب تطوعي فخري على مدة سنة قابلة للتجديد. يهدف البرامج إلى تفعيل دور الشباب في الالتفات إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وتمكين قدراتهم لإطلاق مبادرات ومشاريع تسهم في تفعيل اقتصاد بلدانهم وتحسين مجتمعاتها، ويهدف أيضاً إلى تمثيل شباب فكر في مؤسسة الفكر العربي في دولهم، إيجاد نماذج ناجحة للشباب العربي والإضاءة عليها ودفعها لأن تكون مثالا للشباب العربي يحتذى به.
أما المهمات التي يضطلع بها سفراء الشباب فإنها تكمن في كونهم صلات وصل بين مؤسسة الفكر العربي والجهات المعنية في بلادهم، والإشراف على تنظيم لقاء تعريفي ببرنامج السفراء في بلدانهم، سواء كانوا مقيمين في بلدانهم العربية أم في بلدان أجنبية يعملون فيها أو يتابعون فيها دراساتهم وتحصيلهم العلمي، فيعرفون بمؤسسة الفكر العربي، وبرؤيتها الفكرية وأهدافها.. وهم بطبيعة الحال، مسؤولون أمام مؤسسة الفكر العربي وملتزمون بتوجيهات القيمين عليها.
الانخراط في المؤسسات
• ما هي إذن الأطر التنظيمية الجامعة التي تستوعب أنشطة هؤلاء الشباب وتوجههم؟
•• ثمة لقاءات وندوات شهرية تجمع هؤلاء الشباب، هدفها أولا فتح تجاربهم بعضها على بعض وتعزيز الحوار في ما بينهم والاستماع إلى أفكارهم وإيصالها للمهتمين والخبراء، وثانياً تشبيك الشباب مع نخبة من المفكرين والمثقفين لتبادل الأفكار والآراء وإشراكهم في صياغة حوار ثقافي ومعرفي، من خلال توعية الشباب بأهمية احترام الرأي الآخر والتفاعل معه بغية مواجهة التحديات وإيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية التي تهم الجميع.
وبطبيعة الحال، فإن من شأن هذا النوع من التأطير والعمل يأن يفضي إلى بناء شبكة واسعة من علاقات الصداقة تضم شبابا ناشطين ينخرطون في مؤسسات المجتمع المدني، والمنظمات الشبابية، ووزارات الشباب والتربية، والجمعيات الأهلية، وجمعيات الفنانين، واتحادات الكتاب والشخصيات الاجتماعية، ومراكز البحث والجامعات، والإعلاميين.. الخ.
5 محاور لتحفيز القراءة في «عربي 21»
تنفذ مؤسسة الفكر العربي مشاريع تربوية وتعليمية منذ سنوات، أهمها مشروع «عربي 21» الذي يحظى بدعم مادي شامل من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وشركة «أرامكو» السعودية، ويسهم في تطوير تعلم اللغة العربية وتعليمها، وقد أطلق على هذا المشروع تسمية «عربي 21» وبدأ تنفيذه في منتصف العام 2010، على أن يستغرق التنفيذ خمسة أعوام، تم تمديد العمل به حتى منتصف العام 2017. والمشروع عبارة عن مبادرة متكاملة لدعم تعلم اللغة العربية وتعليمها، بدءاً بتشخيص واقع تعلم اللغة في الوطن العربي، انتهاءً بتحديث طرق تدريسها، فضلا عن نشر المعرفة حول أهمية القراءة باللغة العربية.
ويتضمن المشروع خمسة محاور تنفيذية، هي: البحوث، تغيير التوجهات: القراءة والقرائية، التطوير المهني للمدرسين، المناهج والتقويم، والمواد التعليمية. وقد حقـق هذا المشروع إنجازات عدة كإنشاء موقع إلكتروني يوفـر برامج تدريبية (فيديو) لأفضل الممارسات في تعلم اللغة العربية وتعليمها، موجهة إلى مدرسي اللغة العربية؛ بالإضافة إلى صفحة فيسبوك؛ وإنشاء «جائزة كتابي» وهي جائزة لأفضل 6 كتب لأدب الطفل العربي بحسب الفئات العمرية، تمنح لأفضل الكتب الصادرة خلال العامين السابقين، وتخضع الجائزة لنظام جوائز كتب أدب الأطفال العربي الذي أعده خبراء تربويون؛ وتعلن النتائج وتوزع الجوائز خلال حفل إطلاق حملة «بالعربي» للتشجيع على القراءة باللغة العربية.
كما وضع المشروع معايير لتصنيف لكتب أدب الطفل العربي، تتميز باعتمادها المستوى القرائي لدى الطفل والناشئة وليس الفئة العمرية. كما نظم المشروع أكثر من 6 ورش عمل محلية وإقليمية للتعريف بهذه المعايير وكيفية تطبيقها، مما شكل شبكة عربية للمصنفين (لبنان، الأردن، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان). ويعمل فريق عمل التصنيف على إعداد ملحق من حوالى 700 كتاب جديد مصنف على أن يصدر بداية العام المقبل.
نجح مشروع «عربي 21» في إطلاق موقع إلكتروني تعليمي ضمن إطار موقع مؤسسة الفكر العربي ويشمل الموقع مواد تربوية من 35 ساعة من مقاطع فيديو تعليمية لأفضل الممارسات التربوية لتعليم اللغة العربية وتعلمها، تساوي 95 مقطعاً تعليمياً، مما يساعد أساتذة اللغة العربية على تطوير قدراتهم في المجال.
مشروع «تمام» يبني مجتمع المهنيين المجددين
مشروع التطوير التربوي المستند إلى المدرسة في البلدان العربية، أطلق عليه «تمام 1» و«تمام 2». وهو مشروع بحثي وتطويري للإصلاح التربوي النابع من المدرسة، يشارك فيه أساتذة ومعنيون من 23 مدرسة رسمية وخاصة وأكاديميون من مؤسسات التعليم العالي، وممثلو صانعي السياسات التربوية في وزارات التربية في البلدان العربية (لبنان، الأردن، المملكة العربية السعودية، عُمان، قطر، مصر). وتعمل الجامعة الأمريكية في بيروت على تنفيذ المشروع بموجب اتفاقية تفاهم مع مؤسسة الفكر العربي، تم تنفيذ المرحلة الأولى منه بين العامين 2007-2010 والمرحلة الثانية بين العامين 2011-2014.
يهدف مشروع «تمام» إلى بناء مجتمع من المهنيين المجددين عن طريق بناء جسور للحوار والتعاون والتشبيك بين مختلف المدارس من جهة، والجامعات ووزارات التربية والتعليم من جهة أخرى. كما يتميز المشروع بمرونة تصاميمه وبإمكانية تطويع نشاطاته بحسب خصوصية كل بلد وفي سياق كل مدرسة، وبتصميم يتبع التوسع التدريجي داخل المدرسة وبين المدارس الجديدة من ضمن البلد الواحد. ومن إنجازات المشروع إنشاء موقع إلكتروني تضمن ستة تقارير تقنية وثقت نتائج أبحاثه وتقدمه بهدف تكوين نظريات تربوية عن التطوير المدرسي الفعال تضرب جذورها في الواقع العربي، و12 تقريرا عن مشاريعها التطويرية، يوثق كل تقرير منها تجربة الفريق المشارك في التطوير المستند إلى المدرسة.